ضع بريدك هنا وأحصل على أخر التحديثات!

الاثنين، 23 يونيو 2014

سيدي ولد محمد ولد سيدي ولد مولاي الزين في حوار مفصل مع الحرية: كل الرؤساء الذين حكموا البلاد هم صنيعة الإستعمار

سيدي ولد محمد ولد سيدي ولد مولاي الزين
سيدي ولد محمد ولد سيدي ولد مولاي الزين، رئيس المنظمة الوطنية للشفافية ومحاربة الفساد والرشوة كاتب وطني له ما يناهز 25 مؤلفا، بعضها منشور والبعض الآخرمخطوط قيد النشر. سيدي، هو الحفيد المباشر للمجاهد سيدي ولد مولاي الزين قائد عملية قتل أكبر قادة الاحتلال الفرنسي"كبلاني". اجرينا معه حورا مفصلا عن الثامن والعشرين من نفمبر وعن المقاومة ودورها، وعملاء الإستعمار ومؤامرتهم، وهل أنصفت الدولة الموريتانية أبناء المجاهدين. حاوره: م نعمه عمر
* الحرية: بعد 50 سنة مما يسمى بالإستقلال هل أنصفنا المقاومة الموريتانية؟ سيدي: بعد خمسين عماما من عمر الدولة الموريتانية لا يوجد أي ارتباط بالمقاومة على الإطلاق، ففي بداية مرحلة الاستقلال كانت الاهتمامات منحصرة في الصراع على السلطة، بين شخصيات يدعمها الإستعمار وآخرين يريدون الموالاة للمغرب، بينما تم سحق أبناء المقاومة من قبل المستعمر وعزلهم عن الساحة إما بالقتل أو التهميش، صراع الجناحين (مولاة الإستعمار والإنضمام للمغرب) استطاع الإستعمار أن يضع أتباعه الذين يثق فيهم في مركز صنع القرار ومنحهم السلطة لكن بشروط تضمن له الهيمنته، لواحفاظ على نقطة الوصل بين العرب والأفارقة بين الشمال والجنوب. كان الاستعمار يريد أن تظل المنطقة تحت سلطته، وقد حاول المختار ولد داداه في مرحلة معينة التخلص من بعض الشروط التي كانت تثقل كاهله، وطالب بمراجعة الاتفاقيات مع سلطة باريس التي قبلت بالتخلي عن بعضها وتمسكت بالبعض الآخر، إلى أن استلم العسكر السلطة هو صنيعة الاستعمار أيضا، وتقول بعض المصادر أن سبب تخلي موريتانيا عن حرب الصحراء هو القبض على أسرى فرنسيين في الحرب من قبل البوليساريو، حيث طاب الفرنسيون من الجزائر أن تتدخل لتحرير أسراهم، والجزائر طالبت بمقابل وهو تخلي فرنسا عن دعم  حكومة نواكشوط، وهكذا حكمت البلاد من قبل عسكريين يتلقون الأوامر من قبل فرنسا إلى حد الساعة.
* الحرية:  لكن هناك من ينأى بالرئيس الحالي عن هذا التصنيف فهو ليس من جيل القادة العسكريين الذين صنعهم الإستعمار؟ سيدي: هناك مغالطة في هذا الطرح فولد عبد العزيز محسوب بالفعل على الجماعة الموالية للإستعمار: أولا لأن المؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها هي صنيعة الاستعمار، والثقافة التي تثقف بها وتكون بها هي من بنات فكر الاستعمار وكما يقال: "اللغة حمالة للثقافة" والنهج الذي انتهجة في الادارة هو نهج زملاءه السابقين، حيث أبقى على نفس الاشخاص وعلى لغة والإدارة، والأشخاص الذين يحيطون به هم لوبي الاستعمار، فلماذا إذن هو خارج التصنيف؟، هل عرب الإدارة، هل أخذ طاقمه من الذين كان الإستعمار يهمشهم، بل صنعهم من أذيال الاستعمار، ضف إلى ذلك أن الدفع بانتخابه جاء بتعليمات من باريس التي أمرت أتباعها بالوقوف معه، كما أن أول زيارة قام بها بعد انتخابه هي لقصر الأليزيه.
* الحرية: هناك من يزعم أن الاستقلال، جاء هبة من الإحتلال الفرنسي، وأن بلاد شنقيط موريتانيا الحالية لم تشهد مقامة منظمة، ما هو رأيك في هذا الطرح؟
سيدي: هناك حقيقة هي أن الاستقلال وأنا لا أسميه استقلالا لأنه مجرد حكم ذاتي أو استقلال داخلي فالسفير الفرنسي هو الآمر الناهي منذ 50 سنة، ما حدث أن جهاد المقاومة أثمر تراجع الاحتلال، فاحتالت الإدارة الفرنسية على القضية وقبلت جزءا من الاستقلال شريطة أن تظل البلاد تحت سيطرتها، ونستطسع أن نقول جوابا على سؤولكم أن الاستقلال في جانبه الوطني المعنوي جاء بفضل المقاومة، وفي جزئه الصوري هو منة من الاستعمار، فلو كان المستعمر يريد استقلالا حقيقيا للبلد لسلم السلطة لأبناء المقاومة، أو لرحل عنها وترك أبناءها يدبرون شؤونهم بأنفسهم، أما فيما يتعلق بوجود المقاومة من عدمها، فالحق ما شهدت به الأعداء ولاشك أنكم قرأتم مذكرات بعض قادة الاستعمار في هذا البلد مثل "افريرجان، وغورو، وباتي، وآرنو" والكثير من الكتاب والمؤرخين الفرنسيين، وأقتطف لك جملة مترجمة مما كتبه "غزلاز" في مذكراته المعروفة المذكورة والمنشورة، والتي جاء فيها أن "المقاومة الوطنية في موريتانيا كانت على درجة كبيرة من المهنية العسكرية" ويضيف: "هؤلاء العربان الذين يمتطون جمالهم نراهم يقاتلوننا ببسالة وسيددون رميات بنادقهم بدقة فائقة ويضغطون في الحرب ضغطا شديدا، الأمر الذي يثير الخوف والدهشة رغم ضعف الوسائل والإمكانيات". ثم إن المقاومة الوطنية كانت لها ميزة في المعارك، تختلف عن المعارك التي وقعت في العالم بما فيها التي تقع اليوم، فالقائد العام هو الذي يسقط ابتداء في ساحة المعركة، مثل بكار ولد اسويد أحمد وسيدي ولد مولاي الزين وسيدي أحمد ولد احمد عيده، هذا يعني شراستها وصدق قادتها.
* الحرية: ما هو تأثير  الفتاوى التي اطلقها بعض المشاييخ وبرروا بها التعامل مع المستعمر على روح المقاومة؟ سيدي: بالنسبة للفتاوى فهانك فتوى الشيخ سعد بوه، وأنتم تعلمون أن كبلاني كتب رسالة إلى الشيخ سيديا باب، يستفتيه فيها حول سؤال ماكر يطلب رأيه فيه، ومفاده "هل البلاد السائبة التي لا يوجد فيها قانون ولا إدارة مركزية، يجوز للفرنسيين أن يقيموا فيها إدارة مركزية بعدالة وإنصاف"، كانت خبرة الشيخ سيديا باب محدودة بالفرنسيين آن ذلك، وبما أن الشيخ سعد بوه يوجد في السنغال، فهو أدرى بالإدارة الفرنسية هناك، أحال له الشيخ سيديا باب رسالة كبلاني طالبا منه رأيه فيها، فما كان من الشيخ سعد بوه إلا أن حرر فتوى في عدة صفحات تتضمن جواز أن يقيم الاستعمار إدارة في البلاد التي هذه صفتها.. وبالفعل استغل "كبلاني" المعروف بالدهاء الفتوى لاستمالة بعض المجموعات النافذة في موريتانيا ووجه لهم رسائل تتضمن نسخة من هذه الفتوى طالبا منهم أن ينضموا إليه لإقامة هذا المشروع، وانهم سيكسبون الحظوة والمساعدة، وانطلت هذه الخديعة على بعض الأمراء في اترارزه ولبراكنه وتكانت والحوض، والبعض الآخر شكك فيها، بل وأيقن أنها حيلة من كبلاني استغل فيها براءة بعض الفقهاء، لكي يدعم أركان مشروعه الاستراتيجي، والدليل على كذبه وخداعه هو أنه عندما دخل المنطقة بدأ يبطش ونكل بأبنائها مما ألب عليه بعض ممن كانوا يصدقون قوله في أنه سيقيم العدالة.
* الحرية: موريتانيا هي البلد العربي الوحيد الذي كتب نشيده الوطني من قبل شخص لم يصنف في خانة المقاومة، وهو البلد الوحيد الذي يسمي أبرز شوارعه على قادة الإحتلال "ديغول" و"كندي"، بدلا من أن يسميها على حسنا ولد الشيخ ماء العينين، أوسيدي ولد مولاي الزين أو بكار ولد اسويد أحمد، إلى متى سنقبل بهذا الوضع؟ سيدي: هذا يؤكد ان السلطات الموجودة لا زالت تتبنى النهج الاستمعماري وإلا لغيرت هذه المسميات التي تمثل العار بالنسبة لنا، وهنا أضيف "كرفور مدريد"، عندنا قاموس من المسميات الأجنبية بل إن بعض قادتنا عملوا بكل جهد على فرض المسميات واللغات الاجنبية وهمشوا لغة القرآن التي هي لغتنا الوطنية بنص الدستور. وقبل ثلاث سنوات كنت في جولة داخل البلاد رفقة باحثين فرنسيين طلبوا مني مشاركتهم في إجراء بحث حول دخول الاستعمار إلى موريتانيا، وعندما رأوا أنصاب قتلى الإستعمار في تجكجة والنيملان وظهر أدندوم وأم التونسي، تساءلوا بغرابة "هذه أضرحتنا نحن فأين هي أضرحة شهدائكم ومقاومتكم"، تصور معي الجواب لم يكن أمامي سوى أن قلت لا زلنا تحت سيطرتكم وإلا لغيرنا هذا الوضع. طبعا هناك نوايا وطنية حسنة في هذا المجال، اصبحت تسمح للباحثين أن يبحثوا في هذه المواضيع لكنها لم تتجسد أو لم تتبلور إلى عمل ملموس، وهنا أقترح أن تقام ثلاث شاهدات كنموذج أولي، الشاهدة الأولى على مدخل بلدية "السدود أشرم" لبكار ولد اسويد أحمد، الشاهدة الثانية تقام على مدخل مدينة تجكجة لسيدي ولد مولاي الزين، الشاهدة الثالثة تقام على مدخل مدينة اطار لسيدي أحمد ولد احمد عيده، على أن تعمم هذه الفكرة في المناطق التي سقط فيها شهداء المقاومة وحذاري ممن يدعون أنهم قاوموا بينما كانوا يقاتلون المقاومة.
* الحرية: بم تبرر غياب الروح الوطنية لدى الناشئة ألا ترى معي أن اختزال التضحيات والتركيز على مؤسسي موريتانيا ما بعد 28 نفمبر، اجتزأ جانبا هاما من عمقنا الحضاري وبالتالي أصبحت الأجيال مهزوزة في قيمها وموروثها وشخصيتها الوطنية. سيدي: هذا السؤال صائب تماما ولستم وحدكم من يتألم بطرح هذا التساؤل، المدارس تتألم لأنها لا تتوفر على معلومات عن المقاومة في مناهجها، واتذكر سنة 1994 عندما بثت الإذاعة الوطنية آن ذاك حلقة من حلقات الإذاعة المدرسية التي يعدها ويقدمها المعهد التربوي الوطني وكانت حول الإدارة الإستعمارية فقال مقدم البرنامج إنها مقبولة، فما كان مني إلا أن كتبت ردا عليه قلت له فيه بأنها غير مقبولة والشواهد على ذلك كثيرة، وقدمت له أمثلة لا يمكن حصرها مثل "كويه" التي كان المستعمر يفرضها على البعض وهي خدمات تقدم له من دون مقابل، ومصادرة أموال الناس، فقد استضاف أحد المواطنين جنديا فرنسيا رفقة أحد "كوميات"، وذبح له شاتا، لكن الفرنسي قام بذبح ماءة شاة من شياه الرجل بحجة أن الشاة التي ذبحها لم تكن سمينة، هذا بالاضافة إلى اغتصاب النصارى للكثير من بناتنا، كما أن "كبلاني" فرض على المجموعات في تجكجة نفقة جيشه، وتقديم الدعم اللوجستي له، هل هذه هي العدالة التي يروج لها البعض حتى في برامجنا التربوية.
* الحرية: ما هو تقيمك للكتابات التي تتناول المقاومة والتي يشكك بعضها في وجودها، ويحصر البعض الآخر تضحياتها في أسرة أو مجموعة قبلية واحدة؟. سيدي: هناك كتابات للإستعمار حول المقاومة وقد تحدثنا عن نماذج منها في البداية، هذه الكتابات كانت تنظر بعيون المستعمر حول الأحداث التي جرت في البلد خاصة ما يتعلق بالمقاومة وكانت تتحامل عليها، لأن الإستعمار هو الذي كتبها ومن الطبيعي أن ينتصر لنفسه، بعد ذلك ظهرت بعض الكتابات المحلية عن تاريخ المقاومة وهنا وقعت مشكلة ومغالطة وهي ان حلفاء الاستعمار وأعوان الإمبريالية والرجعية روجوا للفصل بين المقاومة وأبنائها، الهدف من هذا التفريق هو اجتثاث جذور المقاومة في هذا البلد حتى لا يبقى هناك من ينتسب لها، يتم ذلك تارة بالتدجين وتارة بالإقصاء والهدف من هذه المحاولة هو قطع صلة أبناء المجاهدين بالمقاومة، حتى يتناسوا تاريخها وتضحياتها ومجهودها الذي قامت به دفاعا عن هذا البلد وبالتالي تتمكن تلك الجهات من الكتابة عن مقاومة مشوهة ومضللة يدرجون فيها عناصر لم تكن من المقاومة ويقزمون من كانوا مقاومين حقيقيين في الميدان، والمنافقين في عهد النبي صلى  الله عليه وسلم حولوا فصله عن آله، رغم أن النبي أشرك آله في كل شيء حتى في الصلاة عليه، هكذا ظرت كتابات غاية في تشويه المقاومة مؤخرا، ضمت عناصر لم تكن ضمن المجاهدين، ونحن نطالب بمراجعة تريخ المقاومة وكتابته كتابة ناصحة وإخراج الذين تم دسهم وهم ليسوا منها.
* الحرية: باعتبارك حفيدا للشهيد سيدي ولد مولاي الزين هل أنصفت الدولة الموريتانية أبناء المجاهدين؟ سيدي: لا، الجواب هو لا، هناك اشخاص تزوجوا من جهات نافذة في البلد وهؤلاء الأشخاص تم دمجهم وتدجينهم ضمن النظام العام وهناك من توفوا رحمة الله عليهم، وآخرون تنكروا لماضي آبائهم المقاومين نتيجة إغراءات الإستعمار وإغداقاته، ليضربوا بهم الذين ظلوا على نهج المقاومة، والآن قلة في الساحة هم الذين  يحملون مشعل المقاومة من أبناء المجاهدين ويعيشون في اقصى درجات الاحتقار والتهميش من طرف الدولة الموريتانية.  

شاركها مع أصدقائك!
تابعني→
أبدي اعجابك →
شارك! →

0 التعليقات :

إرسال تعليق