ضع بريدك هنا وأحصل على أخر التحديثات!

‏إظهار الرسائل ذات التسميات الذكريات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الذكريات. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 30 مارس 2016

نقول دائماً "من رابع المستحيلات"... فما هي المستحيلات الثلاثة عند العرب؟


اعتاد العرب أن يقولوا عند تأكيد عدم حدوث الشيء واستحالة وقوعه، "إن هذا الأمر من رابع المستحيلات".

وهذا يعني أن هناك مستحيلات ثلاث تسبق هذا الرابع الذي يتمسك به الناس وكأنه يمين مغلظلة. فما هي تلك المستحيلات الثلاثة؟
تحدث التراث العربي القديم عن قصص وحكايات وأساطير كان يعلم العرب أن بعضاً منها صنعها خياله وأنه لا وجود لها في الحقيقة، ولذا قالوا عنها إنها المستحيلات الثلاث، والتي جمعها أحد الشعراء القدماء في قوله:
لمّا رأيتُ بَني الزّمانِ وما بهِم خلٌّ وفيٌّ، للشدائدِ أصطفي أيقنتُ أنّ المستحيلَ ثلاثة: الغُولُ والعَنقاءُ والخِلّ الوَفي".
المستحيل الأول: الغول
إذا كان الشباب في عالم الانترنت يستمتع بأفلام الرعب ومصاصي الدماء وآكلي لحوم البشر، فإن أجيال ما قبل السينما والشبكة العنكبوتية كانت تعيش على قصص "أمنا الغولة" المرعبة التي كان يرويها الجد والجدة كل ليلة، والتي صوروها في حواديتهم أن عينها مشقوقة بالطول ويتطاير منها الشرر وأنها تأكل من الأطفال من لا يسمع الكلام أو يرفض تناول الطعام.
أسطورة الغول تردد ذكرها في عدد من حكايات ألف ليلة وليلة الشهيرة مثل حكاية "السندباد" وحكاية "سيف الملوك" و"حكاية الوزير الحسود"، وقد ورد ذكره في أشعار تأبط شراً — أحد شعراء الجاهلية والصعاليك العرب.
وكان العرب الأقدمون يعتقدون أن الغول قد يكون أنثى تأكل لحوم البشر، كما تحدثت الروايات القديمة عنه كحيوان خرافي من الجن الذين يتصفون بالوحشية والعدوانية، ويتخذون أشكالاً مخيفة وينقض على الإنسان في غفلة منه ويلتهم جسده.
أما أشهر ما روي عن صراع الإنسان والغول فإن الإنسان يمكنه قتل الغول إذا ضربه ضربة واحدة، ولكن الغول يمكنه خداع الإنسان حيث يطلب منه وهو يحتضر أن يضربه مرة أخرى، فإذا استجاب الإنسان لطلبه فإن الغول يحيا من جديد وينتقم منه.
شدة الخوف التي عاشها القدماء من خرافة الغول جعلت بعضهم يضع الطعام خارج الدار ليتناوله الغول وينصرف بعيداً عنهم، ومن المعتقدات الشائعة قديماً أن خير طريقة للتخلص منه هي رش بذور الكتان على الأرض.
المستحيل الثاني: العنقاء
يعتقد أنه طائر أسطوري ضخم له ريشتان فوق رأسه تمتدان إلى الخلف، وله منقار طويل، وسمي بالعنقاء لطول عنقه، فيما تقول رواية أخرى أنه سمي بهذا الاسم لوجود طوق أبيض حول عنقه.
الأسطورة تربط بين العنقاء و"أصحاب الرس" الذين ذكر قصتهم القرآن الكريم، وفي تفسير أبي السعود: "قيل إن أصحاب الرس: هم أصحابُ النبيِّ حنظلةَ بنِ صفوانَ، ابتلاهم الله تعالى بطيرٍ عظيمٍ كان فيها من كلِّ لون، وسمَّوها عنقاءَ لطولِ عُنقِها وكانت تسكنُ الجبل فتنقضُّ على صبيانِهم فتخطفُهم إنْ أعوزها الصَّيدُ فدعا عليها حنظلةُ فأصابتْها الصاعقة".
روايات أخرى زعمت أن هذا الطائر مخلوق نبيل عاش من 500 إلى 1000 سنة، وعندما أحس بالموت بنى محرقة وغنى فيها أغنية رائعة رددها الناس، وعندما أخذت أغنيته في الاضمحلال ولم يعد يغنيها أحد تبدد جسده في محرقته، وأصبح رماداً ثم عاد حياً بعد ذلك من تحت الرماد.
المستحيل الثالث: الخل الوفي
وهو الصديق الذي يبحث عنه الإنسان طوال مسيرته على الأرض، أو الصورة التي تشبهه في الطباع والصفات أملاً في الحصول على المحبة والإخلاص.
العربي القديم أيقن أن وفاء الصديق إلى الأبد أمر من ثالث المستحيلات، ووضعه في قائمة مستحيلاته التاريخية!

الثلاثاء، 11 أغسطس 2015

معركة أم التونسي الخالدة :تدمير الفرقة الفرنسية المتنقلة في الترارزة ومقتل قائدها نجل الرئيس الفرنسي




معركة أم التونسي الخالدة :تدمير الفرقة الفرنسية المتنقلة في الترارزة ومقتل قائدها نجل الرئيس الفرنسي
الأربعاء يوم 18 أغسطس سنة 1932
كانت الإدراة الإستعمارية في مدينة أطار قد علمت بتوجه غزوة صوب الترارزة فأبلغت عن طريق جهاز الراديو بأطار الفرقة المتنقلة للترارزة أن عليها أن تستعد لمقارعة الغزوة
أمر قائد الفرقة المفرزة بالتوجه لاعتراض المقاومين ,فانطلقت قبيل بزوغ الشمس متوجهة نحو الشمال ,وبينما هي تحث السير بناحية أم التونسي اكتشفها المقاومون فكمنوا لها وسط شجر الفرنان حتى اقتربت منهم فاطبقوا عليها من كل الجهات فقتل الضباط الأوروبيون الستة الذين كانوا على رأسها ومن بينهم نجل الرئيس الفرنسي ماك ماهون وكان برتبة ملازم
في رواية المجاهد سلمنه بن عبيد الله وهو أحد المشاركين في المعركة :{أن عدد من شارك في هذه المعركة من المقاومين بلغ مائة وعشرين رجلا ,مائة من أولاد ادليم والباقي من مختلف القبائل ,وكانوا تحت قيادة كل من سيدي بن الشيخ بن العروسي ,وابراهيم السالم بن ميشان وسيدي أحمد بن الكوري بن اعلي }..وأضاف سلمنه :{أنهم قبل نشوب المعركة نزلوا وسط شجر الفرنان ,الأمر الذي مكنهم من مباغتة فرقة الترارزة وهزيمتها , وأضاف أن المقاومين خسروا سبعة عشر رجلا من بينهم سيدي بن الشيخ أحد زعماء الغزوة ,لكن خسائر الفرنسيين كانت أفدح إذ مات مات منهم مايزيد على أربعين رجلا وجرح منهم نحو العشرين }
وذكر محمد بن الشين الذي كان ضمن مجندي فرقة الترارزة :{أنه مات ستة من الفرنسيين وعشرة من الرماة السينغاليين وثلاثون من كوميات البيضان ومات عشرة من الجمال , وأن أولاد أدليم استولوا على خمسين جملا برواحلها وغنموا مدفعا رشاشا كان على جمل أبيض , وأضاف محمد بن الشين أنه أصيب العديد منهم أيضا بجروح من بينهم المعلوم بن التوينسي وابراهيم بن اعيمر ومحمد سالم بن سيدي بن المختار الذي اسروه اولا ثم شفع فيه محمد بن طينش فاطلقوا سراحه }
ذكر النقيب الفرنسي دوتوه لويوسكي في روايته في كتاب الغزوات على أدرار مايلي :{تمت مباغتة الفرقة الفرنسية المتنقلة وبعد أن هزمت تماما حيث مات الملازم ماكماهون وخمسة ضباط صف وعشرة رماة واثنان وعشرون من الحرس عادت الغزو أدراجها بعد أن فقدت سبعة وعشرون رجلا من بينهم قائد الغزوة وتكبدت عددا كبيرا من الجرحى }..وقد أثار مقتل الملازم ماك ماهون سخطا عاما في باريس
في روايته عن تفاصيل المعركة يقول المجاهد سلمنه :{ أن المعركة تميزت بالشراسة والسرعة وأن رجال المقاومة في هذا اليوم كانوا من الشجاعة والبسالة بمكان , لكنهم لم يبلغوا مدى ابراهيم السالم بم ميشان في الإقدام ,لقد رأيته يلتف من الخلف على جنود الفرقة الفرنسية فيقتل ثلاثة من الفرنسيين وسبعة من الرماة ,لقد كان يكر ويصول بسرعة البرق في ميدان المعركة وهو الذي قتل عثمان بن أحمد أحد اشد مقاتلي فرقة الترارزة بسالة }
ذكر سلمنه أنه أستشهد من المقاومين سبعة عشر وهم :
من لوديكات :
سيدي بن الشيخ بن العروسي
اسويليمة بن الفراح بن باهيه
كنه بن الشيخ بن العروسي
وحمادي بن أمبارك
عبد الله بن الخطاط
علي بن البن بن أحمين
ومن اولاد بعمر :
عبدالفتاح بن العالم
ومن اولاد لخليكة :
سعيد بن أحمد بن أعمر
ابراهيم بن أبيه
الشيخ بن بكار
الشيخ بن أحنان
ومن أولاد أبي السباع أستشهد سيدي محمد بن أحمد بابا بن الشيخ المختار الملقب أنوينو
ومن أولاد اللب أستشهد محمد بن الكوري وسيدي بن الغاظي
ومن الرقيبات السواعد أستشهد المصطفى بن أهويدي
ومن الزركيين تكنة أستشهد حمدناه بن خطاري
أما الجرحى من صفوف المقاومين فهم :
من أولاد أدليم ..لوديكات
ابراهيم السالم بن الخطاط
وعبداتي بن الخطاط
أحمد بن الخطاط
محمد الامين بن أحمد بابا بن الخطاط
ومحمد بن باهية
السود بن أمبارك
:ومن اولاد لخليكة
حمدي بن بوسيف
السيد بن بوسيف
الدو بن ألمين بن بوسيف
سيدي محمد بن أبيه بن بكار
أحمد بن سيدي أحمد بن ميشان
أسويدات بن الناجم
اعلي بن أمبيريك
:ومن اولاد بعمر
حمادي بن أحمد بابا
:ومن السرحنة
أحمد بن الصلاي
الشيباني بن بوبكر
وجرح من أولاد أبي السباع:
خطري بن سيدي أحمد بن صنبه
أحمد بن أبوه {توفي سنة 1995 في انواكشوط وهو في نزاع مع الادارة المحلية التي رفضت تشريع قطعة ارضية صغيرة ومتواضعة كان يقيم بها مع عائلته بل حاولوا طرده منها }
وجرح من أولاد اللب :
محمد بن طينش
أحمد بن بهده {المجاهد الوحيد الذي كرم بوسام في تاريخ موريتانيا سنة 2009}
أحمد سالم بن دينه
وجرح من كنتة:
محمد بن سيد الامين
شارك في معركة أم التونسي جمع من المجاهدين وهذه لائحة الأسماء التي حصلنا عليها
من أولاد أدليم ..أولاد لخليكة:
ابراهيم السالم بن اعلي بن ميشان
الفقير بن أعمر
باهية بن عيني بن شكاف
محمد بن علي
عالي بن مشنان
محمد عالي بن البيكم
الكوري بن أعلي بن ميشان
الشيخ بن بكار
بركة بن أعمر
ألمين بن أميمو
محمد بن عبد الله بن الناجم
ابراهيم بن ابيه
باهية بن الحافظ
فاضل بن بوسيف
ومن أولاد الدليم ..اولاد بعمر:
سيدي أحمد بن الكوري بن أعلي
سيدي أحمد بن البشير بن سيدي أحمد بن الحاج
الصديق بن السملالي
الشيخ بن المحبوب
محمد بن المحبوب الملقب السنكير
سيدي بن الجيرب
بنها بن الرميثي
أعلي بن الحسن
ومن أولاد الدليم ..الوديكات:
محمد بن سيدي بابا
أحمد سالم بن اكريميش
محمد بن عند الله
محمد بن باهية
حمادي بن امبارك
عبد الصمد بن امبارك
مربيه بن امبارك
حم ألمين بن باهية
كبادي بن المهدي
بيحنه بن ابهايه
محمد بن اسكنه
أحمد بن الديش بن الحبيب
محمد بن أحمد بن هنون
محمد سالم بن محمد بن ابهايه
محمد بن البخاري
محمد سالم بن ابهايه
سيدي أحمد بن الشين
السالك بن أمحمد
ومن أولاد الدليم ...السرحنة
الشيعة بن أعبيد
أعمر بن سالم
أحمد بن حمو
عبد الفتاح بن حمو
محمد بن النيسابوري
من أولاد اللب :
محمد بن طينش
فنانة بن محمد بن اعلي بن بكار
محمد صالح بن بوعله
محمد بن أحمد مرحبا
عمير بن اعلي بن احمد
من أولاد أبي السباع
بابا بن عبد الله
من الرقيبات..
سيدي محمد بن عمار بن امحمد
يسلم بن الفاظل
اللوه بن برهاه
جد أهلو
خطاري بن برهاه
من لعروسيين:
الكيحل بن التروزري
الحبيب بن حميه
محمد العروسي بن اسويدي
من تكنة ..ايت لحسن
علالي بن رمظان
لفظيل بن عمار بن أحميده
أعلي سالم بن أسعيد
من السكارنة :
محمد بن بوكراع
ملحمة أم التونسي أثبتت أن هذا الشعب الممتد من الصحراء إلى الصحراء لايستكين للذل وأنه يتناسى خلافاته ليتوحد في وجه كل معتد أثم يسعى إلى إحتلال أرضه أو المس من معتقداته الدينية وقيمه الأخلاقية
المصدر كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الإستعمار الأوروبي ...الجزء الثاني

الخميس، 14 مايو 2015

وثيقة فرنسية تكشف لأول مرة تفاصيل مقتل " كبولاني" وأسماء القتلى والجرحى (تفاصيل)

وثيقة فرنسية تكشف لأول مرة تفاصيل مقتل " كبولاني"  وأسماء القتلى والجرحى (تفاصيل)

في الثاني عشر مايو عند الساعة التاسعة والنصف مساء, و بينما كنت في الجزء السفلي للمعسكر
وتحديدا في الناحية الجنوبية الغربية منه، سمعت طلقا ناريا في الجزء العلوي ، على التلة، ثم تلت ذلك سلسلة إطلاق نار مصحوبة بصراخ. ولاقتناعي بأن الأمر يتعلق بهجوم، فقد أسرعت في اتجاه مكان إقامتي الموجود في الجزء العلوي جنب البوابة.
وبوصولي إلى أعلى التلة كنت شاهدا على معركة حقيقية خصوصا ناحية البوابة وتتالى إطلاق النار على هذا المستوى.
ولكوني لم أكن مسلحا حينها فقد لجأت بشكل مؤقت لكوخ السادة ملازمي القناصة الواقع على طريقي والذي بدا لي أخيرا أكثر هدوءا.
بعد لحظات توقف إطلاق النار فاتجهت إلى خطوط القناصة الواقعة على بعد خطوات أمامي لأتعرف على المصابين. وأثناء اطلاعي عليهم أخبروني بأن السيد الأمين العام كابولاني مصاب بجروح، فتنقلت إليه مباشرة لأجده في زاوية غرفة الأكل بالإقامة، وكان ملقى على الأرض منطويا على نفسه دون حركة ويتنفس بصعوبة بالغة ولا يتكلم وكانت ملابسه ملطخة بالدماء ومتسخة بالتراب خصوصا على مستوى الظهر والذراع الأيسر.
ومن أجل وضعه بشكل أفضل ومن ثم خلع ملابسه قمت مباشرة ببسط حصير ممزق على الأرض كنت نزعته من النافذة ومن ثم وضعته عليه.
وتوخيا للسرعة وتجنبا للحركات غير المقصودة تمت إزالة آثاره باستخدام مقص.
بعد وضعه على السرير لاحظنا أن السيد كابولاني يعاني من إصابتين إثر طلق ناري: الأولى في الطرف السفلي للذراع الأيسر، دخلت القذيفة مع الحافة الداخلية للزند لتسحقه تماما وأما خروجها فيمثله التقرح الكبير للأنسجة في الجانب الأمامي للساعد من حوالي 10 إلى 12 سم في الاتجاه العمودي.
الثانية في الجزء السفلي من القفص الصدري الذي اخترقته قذيفة بحوالي 8 سم فوق حلمة الثدي من الناحية اليسرى وقليلا إلى داخل الرأس السفلي للحلمة لتخرج بحوالي 12 سم فوق رأس عظم الكتف من الناحية اليمنى خارجة قليلا عن الخط السفلي عموديا من هذه المنطقة.
هذه الإصابة الأخيرة تعد بالغة بحيث لا تمكن مقارنتها بالإصابة الأولى وكان التوقع قاتما نظرا لأهمية الأعضاء المصابة على مستوى البطن وهو العضو الذي تم التعرف عليه بفحص الخط الأيمن الذي يجمع فتحتي الدخول والخروج ولأنه تمت ملاحظة أعراض حادة على مستوى هذه المنطقة.
وعلى الفور قمنا بالتضميد الضروري.خلال هذه العمليات لم يتفوه السيد كابولاني إلا بكلمات قليلة : فقد عبر عن خطورة وضعه وقد سمعته يقول على مرتين:"آه إني أموت" وكان يحترق ألما ويعبر عن ذلك بقوله: "أزيلوا عني هذا الحمل". بعدها ازداد الضيق والضعف بشكل ملحوظ وأصبح التنفس بالغ الصعوبة ثم دخل الفواق على الخط ولم يكن حينها قد تبقى من حياة السيد الأمين العام إلا لحظات قليلة لتأتي النهاية بعد حوالي نصف ساعة من الواقعة.
بينما كنت منشغلا في تقديم العلاجات للسيد كابولاني, قطع الملازم أتييفان عمله لعدة لحظات ليريني جرحا كبيرا في المنطقة الجدارية الأمامية من الناحية اليمنى إثر طعنة بالسيف تلقاها من أحد المهاجمين البيظان أثناء الزحام.عندها قمت بانتداب العريف الممرض ليضمد الجرح بشكل مؤقت لأقوم أنا بعلاج جرحه لاحقا، فقمت بتضميده من جديد ووقفت على درجة إصابته التي لحسن الحظ لم تكن خطيرة لأن حافة السيف الحادة انحرفت عندما لاقت العظم مزيلة فقط شريحة من الجلد بقطر 5 إلى 6 سم ولم يتعرض العظم لسوء رغم تعريته في منطقة صغيرة.
الملازم أتييفان وقع تحت صدمة كبيرة وحالة إثارة وحمى ملحوظة. وبالإضافة إلى السيد الأمين العام كابولاني الذي قتل والسيد أتييفان الذي جرح يجب أن نشير إلى أن قناصين سنغاليين واثنين من جمالة أتييفان قد قتلوا أيضا وهناك خمسة قناصة وخمسة جمالة من جمالة أتييفان أيضا قد أصيبوا بجراح.
1.أنكي كوليبالي، قناص:جرحين إثر طلق ناري.الأول حوالي 10 سم فوق الإبط الأيمن. الثاني في الحفرة تحت الشوكية من نفس الناحية اليمنى – توفي مباشرة
2.ماكان ديارا، قناص, أصيب برصاصة في المنطقة الخلفية المزدوجة، خمسة ثقوب من بينها اثنان معتبران مباشرة خلف الشرج- توفي ساعات بعد ذلك لم يلاحظ مكان لخروج الرصاص من هذين القتيلين
3.إبرا ديافورو, جمال, أصيب برصاصة في الصدر دخلت من فوق الإبط الأيسر بحوالي 10 سم وخرجت قليلا فوق الطرف السفلي للكتف- توفي مباشرة
4. موسى بوبكر, جمال , أصيب برصاصة في المنطقة السفلى للجبهة مباشرة فوق العينين,هذا هو مكان دخول الرصاصة ولا أثر لمكان خروجها - توفي مباشرة
الجرحى:
1.مامادو ديمبلى,عريف من القناصة، أصيب بقذيفة صغيرة في الجزء السفلي للذراع من الناحية اليسرى
2.مامادو عمار، قناص، أصيب برصاصة في الجزء العلوي للرجلين. الرصاصة اخترقت الرجل اليمنى أمام عظمة الفخذ أما الرجل اليسرى فمخترقة وراء هذا العظم ولا يبدو أن أيا من الأعضاء الحيوية قد أصيب في طريق الرصاصة
3.بابا ديالو، قناص, أصيب برصاصة كبيرة في المنطقة الصدرية الجانبية حوالي 12 سم تحت الإبط
4.آمادو اتراوورى، قناص، أصيب برصاصة في الجزء الأوسط من الجب الأيمن
5.كونى اتراوورى ,قناص, جرح بطلق ناري في الجزء الخارجي للذراع الأيمن قريبا من المرفق
6.فيلي كيتا، جمال، جرح بطعنة سيف في اليد اليسرى بحيث قطعت الأصابع الثلاثة الوسطى من جذورها وكسرت القصبات الأولى بمحاذاة الرأس ولا يمسكها إلا الأنسجة الرخوة الأمامية وهو ما يعني فقدان هذه الأصابع الثلاثة أو على الأقل عدم إمكانية استخدامها مستقبلا.
7 دمبا بايدي, جمال, أصابته رصاصة في الجزء السفلي للرجلين. الأنسجة الرخوة مخترقة من أمام عظم الرجل على بعد سنتمترات فوق الرضفة، منطقة حروق حول مكان دخول الرصاصة، الرجل اليمنى مخترقة من وسطها أما عظم الرجل ورغم وقوعه على الخط الأيمن الذي يجمع الأخيرتين فلا يبدو أنه مكسور
8.عثمان لي، جمال، عضلة ساقه اليسرى مخترقة برصاصة بمحاذاة جسم العظم من وراء عظم الساق.
9و10.جمالان آخران تعرضا لكدمات بسيطة إثر طعنات بالسيف خلال التدافع, حسب ما صرحا به.
كانت ليلة الثاني عشر مايو كلها ليلة ألم، ابتداء بفحص الجرحى والموتى بما فيهم أربعة قتلى من البيظان المهاجمين وجدوا في أرض المعركة، إلى القيام بالعلاجات اللازمة ومن ثم بحث أسباب وكيفية وقوع الهجوم في حين أنه لحد الآن كان كل شيء يتعلق بالبعثة يسير على ما يرام من وجهة نظر الأمين العام نفسه.
ولم يكن فقط السيد الأمين العام كابولاني ضحية عملية اغتيال حقيقية نفذت بجرأة منقطعة النظير تظهر مدى تطرف من نفذوها، وإنما لأن المتآمرين قد استهدفوا البيض بشكل خاص,وفقا للوطنيين والأوروبيين، عندما وصلوا إلى أكواخهم على التلة بحيث استهدفوا بعضها بالقذائف.
إمضاء الدكتور كامبورى
الوسط

الأحد، 17 أغسطس 2014

المقاوم سيد ولد مولاي الزين

من المعروف أن ابطال المقاومة في موريتانيا لم يلقو التخليد الكافي لهم ولذا نحن رابطة الشباب للثقافة والفنون الاوجفتية ننفرد بقصة الشهيد وقاتل قائد الفرنسيين في الشمال الجنرال كبولاني حسب ما رواها الأستاذ والباحث السني عبداوا في كتابه " الأشباح "

صورة تقريبية للمجاهد البطل سيد ولد مولاي الزين
وهل تعلم أن البطل الشهيد سيدي ولد ملاي الزين قاتل كبلاني، انطلق من أوجفت صحبة جماعة من قبيلة ”إديشلي“ الشجعان، وقد أهداه شيخ القظف في أوجفت، سيفه الذي قتل به ذلك الحقير كبلاني في تكانت. وقصة تلك المعركة الخالدة حسب ما رواها  المؤرخ والباحث في التراث الأستاذ السني عبداو في روايته : الأشباح، كالآتي:
انطلقنا من أوجفت -والكلام لبطل القصة- نسير الليل ونختبأ بالنهار، وبعد اليوم الخامس من السير الحثيث وصلنا بلدة 'كليمس' القريبة من تجكجة، فأخفينا رواحلنا وأمتعتنا وتركنا واحدا من أفرادنا هناك،وفي مساء ذات اليوم اجتمعنا بعد صلاة المغرب قرب المدينة، نستمع إلى ماعادت به استعلاماتنا من تجكجة،.... الحامية العسكرية تبعد عنا حوالي ميلين محصنة تحصينا قويا بالأسلاك الشائكة والحرس، ومعزولة عن المدينة، لها مدخل واحد عليه حراس يقظون، خيام النصارى في الوسط، عددهم ثلاثة، خيمة كبلاني هي الوسطى من الخيام، وهي مكتبه الذي يدير منه الشؤون، وهي مسكنه في نفس الوقت.
بعد صلاة المغرب، يأتي من المدينة أناس يحملون أواني اللبن لضريبة التي فرضها كبلاني على الأهالي في تجكجة، لتموين جنود الحامية... يضعون أواني اللبن وراء مدخل الحامية ويولون أدراجهم دون أن يلتفتوا أو يرفعوا أبصارهم.
أخذنا بسرعة في تقاسم الأدوار توزعنا إلى مجموعتين:

- المجموعة الأولى المجموعة القيادية، ولد مولاي الزين، أساعده أنا، نتوجه مباشرة إلى خيمة كبلاني ونقتله.
المجموعة الثانية، سبعة عشر رجلا، تبدأ الهجوم فور إعلان كلمة السر "الله أكبر" بعد قتل كبلاني.

بعد هذا التوزيع انطلقنا تحت جنح الظلام لقطع الطريق التي يمر منها حملة اللبن.
أوهمناهم بأننا من جنود الحامية، واستلمنا منهم أواني اللبن، ووضعناها على رؤوسنا، مثل ما كانوا يفعلون، وتقدم قائدنا ولد مولاي الزين يحمل لبنه على رأسه، ويردد بصوت مسموع: "اللهم استرنا بسترك الجميل، وأهدنا إلى سواء السبيل، واقطع دابر الكافرين..." كنا نسمع أدعيته، رغم صوته الخافت فندعو بها في سرنا ونتضرع إلى الله مثله، ونتبعه صفا كلا منا يحمل لبنه، ويلهث بالدعاء.

وعند مدخل الحامية أفسح لنا الحراس الطريق، فتقدمنا إلى حيث توضع الأواني.
وبسرعة خاطفة، ركضت أنا وولد مولاي الزين إلى الخيمة التي كان بداخلها مصباح خافت، وما إن دخلنا على كبلاني الذي كان متكئا على قفاه، عاري الجسم، يقرأ كتابا، حتى جرد القائد سيفه وكبر تكبيرة مدوية، وسدد له ضربة عنيفة على صدره، لكن كبلاني الجريح بادر بما فيه من رمق الحياة إلى إطفاء ضوء المصباح بضربة من قدمه.

...بقينا في الظلام الدامس، وزحف النصراني الجريح إلى زاوية أخرى من الخيمة يلتمس بندقيته التي كانت معلقة ، وفجأتا أطلق علينا النار فأصابني في رجلي .
وما كادت أشعة البارود تحدد مكانه من الخيمة حتى انهال عليه ولد مولاي الزين بالضربة القاضية، قبل أن يطلق الطلقة الثانية التي صوبها في اتجاهه فمات الاثنان في وقت واحد.

وبعد تأكدي من نجاح انتزعت بندقية كبلاني من بين يديه، وخرجت من الخيمة أزحف برجلي التي أصيبت إصابة بالغة، لألتحق بأفراد فرقتنا الذين سيطروا على منذ اللحظة الأولى مدخل الحامية، وتركوا أرضيتها مفروشة بجثث جنود النصارى، ونا ديتهم بأعلى صوتي: كبلاني مات... كبلاني مات... وهي إشارتنا للانسحاب بعد نجاح العملية، فتلقونني فرحين مهللين، لهذا الخبر السار.
أخذنا في الانسحاب كما كان مقررا في الخطة،... حملني رفاقي على أكتافهم وعدنا قبل منتصف الليل، إلى كلميسي، حيث كانت رواحلنا تنتظرنا هناك، أما الجريح الثاني، فلم ننتبه إليه فزحف بنفسه إلى خارج الحامية من خلال الأسلاك الشائكة في اتجاه بلدة كيلميسي، لكن الطلب أدركه في الطريق ضحـوة  يوم غـد، فأخذ للاستجواب والمحاكمة قبل أن يقدم إلى المشنقة أمام الملأ في بطحاء تجكجة.       


المصدر : مدونة شباب اوجفت الثقافية 

الثلاثاء، 24 يونيو 2014

في ندوة بنواكشوط: حول قراءة وطنية لتاريخ الاستعمار في موريتانيا

منصة الندوة
احتضن فندق وصال يوم السبت 29/06/2013 تظاهرة ثقافية نظمتها الرابطة الوطنية لتخليد بطولات المقاومة الوطنية تضمنت محاضرة هامة للباحث والمؤرخ محمد الأمين ولد عرفة تحت عنوان : نحو قراءة وطنية لتاريخ الاستعمار في موريتانيا حضرها جمهور غفير من الباحثين والمواطنين المتابعين .
بدأت المحاضرة بكلمة لرئيس الرابطة الوطنية لتخليد بطولات المقاومة الوطنية السيد سعدبوه ولد محمد المصطفى رحب فيها بممثل رئيس جامعة نواكشوط د. اسماعيل ولد شعيب و السيد مدير المتاحف الوطنية د. كان هاديا والأساتذة الجامعيين والباحثين والحضور الكريم و ذكر أن من أهداف الرابطة إعداد قراءة وطنية لتاريخ الاستعمار في موريتانيا وهي قراءة  تصحح ما درج عليه الكتاب الأجانب من الاساءة إلى أبطال المقاومة الوطنية وإعطاء الأولوية لعرض الوقائع التاريخية وتثمين حقبة المقاومة الوطنية الباسلة التي ضحى فيها أبناء البلد من أجل أن يبقى حرا وشعبه سيد عليه .
بعد ذلك تولى السيد الولي ولد سيد هيبه إدارة الجلسة وقدم بطاقة تعريف مفصلة للمحاضر محمد الأمين ولد عرفة  الذي تخرج مهندسا جيولوجيا وتقلد العديد من المناصب السامية وقد اهتم منذ وقت طويل بجمع الوثائق الخاصة بتاريخ المقاومة من أجنبية ومحلية ومقارنتها لإخراج ما يرى أنها قراءة لباحث موريتاني عن الحقبة الاستعمارية .
وبعد ذلك أخذ المحاضر محمد الأمين ولد عرفة الكلام وقدم لنا بالتفصيل الأسس التي يقوم عليها تصوره للحقبة الاستعمارية والأخطاء التي ارتكبها الكتاب الأجانب عند التطرق للمقاومة العظيمة التي جوبه بها الاحتلال.
بعد ذلك تدخل د. كان هاديا وتحدث عن حقبة المقاومة الوطنية التي شملت كافة التراب الوطني وكانت من أهم ما عرفته افريقيا خلال حروب التحرر من الاستعمار.
ثم جاء دور الباحث اطول عمر ولد محمد محمود الذي قدم صفحات مشرقة من مقاومة اسرة أهل عرفه في موريتانيا ودعوته إلى أن ينكب الباحثون على تاريخ المقاومة للتعريف بالأبطال المجهولين والمنسيين وتثمين دورهم في المقاومة.
بعد ذلك فتح المجال أمام الحضور فتدخل كل من السادة حم ولد أسويلم وسيد ولد الزين ود.محمد سعيد ولد أحمدو ومحمد سالم ولد اعليه ود.البكاي ولد عبد المالك ود. محمد السالك ولد ابراهيم ود. اسماعيل ولد شعيب والمختار ولد بدبادي وسيد محمد ولد العيل فثمنوا مجهود المحاضر في تنقيح وتصحيح ما كتب عن حقبة المقاومة الوطنية .  

الاثنين، 23 يونيو 2014

باحثون في تاريخ المقاومة يتحدثون عن القصة الكاملة لمقتل كبولاني



نظمت رابطة الأدباء والكتاب الموريتانيين ندوة مساء الخميس 12-05-2011 لإحياء ذكرى بطل المقاومة الموريتانية سيدي ولد مولاي الزين الذي قتل منظر الحملة الاستعمارية في إفريقيا أكزافى كبولاني عند الساعة التاسعة 12- مايو- 1905.

وقد تحدث في الندوة حفيد الشهيد الحي سيدي ولد مولاي الزين وسميه سيدي ولد مولاي الزين عن الروايات التي ورثها عن والده الذي يعتبر من الشهود الذين أدركوا بعض التفاصيل التي وردت عن المعركة. نفي وتفاصيل altaltوقدم سردا مفصلا بالتاريخ وعقب على الروايات المتداولة نافيا أن تكون حكاية الرؤيا التي يتم تداولها على نطاق واسع ذات تأثير كبير في مسار القضية الأصلي حيث كان سيدي ولد مولاي الزين رجلا عارفا بما يقدم عليه وطالب شهادة في سبيل الله يرفض احتلال الأوربيين المغايرين في الدين لبلاد الإسلام والمسلمين.  ولم يرض أن يكون صاحب موقف هامشي وهو الفارس المغوار والمقاتل الشجاع الذي خبر الحروب وخاضها وهو على معرفة تامة بثقافة الفروسية التي كانت سائدة في عصره ولم يكن مجرد درويش تدفعه المرائي دفعا لما لا يعرف لأن الرجل أيضا كان ناضجا وأقدم على ما أقدم عليه عن بينة وبرهان ولم يكن الحماس والاندفاع تحت إغراء الآخرين هو العامل الأساسي أو الدافع الرئيسي يقول الحفيد سيدي ولد مولاي الزين.مجريات المعركة..altaltكما قدم النقيب سيدي محمد ولد حديد من مديرية الاتصال بأركان الجيش عرضا وصفيا دقيقا بناء على ما جمعه من الروايات الشفوية المتداولة وما تتبعه في مذكرات وتقارير الأرشيف الفرنسي عن موريتانيا حيث تسللت كتيبة عسكرية من المقاومين الأبطال إلى تجكجة من مدينة أطار عاصمة آدرار ودخلوا في لحظة مباغتة للعدو عند افتتاح القلعة ليلا لدخول الخدم والحيوانات التي تحمل الأغذية والمؤن كل ليلة للمعسكر.وقد دخل المجاهدون وأطلقوا وابلا من النيران على ذلك الأوربي الضخم الذي كان يلبس الملابس الصيفية ويتقدم باتجاه مكان الجلوس الصيفي أمام أحد بيوت الطين حديثة البناء وعندما شاهده سيدي ولد مولاي الزين صاح الله اكبر وهي العلامة التي كان قد اتفق مع رفاقه على أن تكون هي بداية المعركة فأطلقت كتيبة المهاجمين نيرانها على ذلك الأوربي الذي صاح على خادمه جلوا أن يأتيه بمسدسه ولكن كان قد أصيب واخترقت طلقة صدره ومزقت طلقة أخرى الجزء الأمامي من ذراعه اليمنى وزحف كبلاني إلى مكتبه حيث وجده مترجمه غارقا في دمائه وأسرع الطبيب ولكنه لم يتمكن إلا من تخفيف ألم لحظات النزع الأخير.فوضى عمت المكان في ذلك المساء الذي تضمخ بحدث بطولي سيظل علامة بارزة في التاريخ الموريتاني مهما قابلته أجيال الاستلاب والهزائم بالتجاهل والتنكر الماكر وبعد حوالي خمس دقائق كان المجاهدون قد أنهوا مهمتهم التي تحققت على أكمل وجه أدت أكبر غرض لها يمكن أن تؤديه وانسحب باقي أفراد الهجوم إلى المكان المتفق عليه.   ففي ذلك المساء سرى خبر مقتل كبلاني وأسرع الضابط افريرجاه بوصفه أقدم الضباط في الحامية الفرنسية إلى اتخاذ جملة من التدابير للملمة جراح الثكنة وما هي إلا ساعات حتى استعان أفر يرجاه بالمترجم ولد أبو المقداد وأحد شيوخ القبائل المعروفة فحاولوا التعرف على الشهداء الذين سقطوا في الهجوم وكان بينهم سيدي ولد مولاي الزين الذي استشهد في ميدان المعركة مقبلا غير مدبر. تراث يكسب قيم الجندية.. altaltوأشار الباحث ولد حديد إلى أن تراث المقاومة الموريتانية هو تراث حي ومليء بقيم الجندية تضحية وتحملا وهذا سر الاهتمام به وهذا الوعي تجسد لدى الأركان الوطنية في ضرورة القيام ببحوث ودراسات لتسجيل وكتابة التراث الشفهي المأثور والمروي على نطاق واسع في موريتانيا. كما شهدت الندوة تدخل الباحث محمد ولد كلاي الذي توقف عند العديد من المواقف والشخصيات المؤثرة في هذه الفترة والتي غمطتها المناهج الدراسية والمؤسسات الثقافية والإعلامية حقها فلم تمنحها ما يكفي من اهتمام ولذلك يجهل الكثير من المثقفين الآن شخصيات بطولية كانت مواقفها وآراؤها ذات تأثير كبير في التاريخ الوطني. وتحدث الدكتور يحي ولد هاشمي عن جوانب هامة من تراث المقاومة واستعرض إحصائية لعدد المعارك والتي وصلت لديه إلى 135معركة منها  مائة وأربعة 104 معارك معروفة الزمان والمكان والقادة والنتائج بالنسبة للطرفين ومنها 31 معركة تذكر ولكنها قيد البحث من حيث الزمان والمكان والنتائج. أما عدد الشهداء فقد وصل 1144 شهيدا منها 344 معلومة الأسماء والتواريخ.  وأكد المتحدثون على أنه قد آن الأوان للاحتفاء بتلك الصفحات المنسية من التاريخ الموريتاني التي لاقت تهميشا تسببت فيه هيمنة أجيال من مستلبي الهوية في وطننا سيطروا على القرار السياسي والثقافي ووجهوه لخدمة توجههم الفرانكفوني الذي لم يتناسى بعد الخصومة التاريخية بين وطننا ومستعمره السابق يضيف احد المعلقين في الندوة.


ذكرى استشهاد سيدي ولد مولاي الزين ورفاقه في تجكجه

في يوم 12 مايو 1905 قتل البطل سيد ولد ملاي الزين و رفاقه الحاكم الإستعماري الفرنسي المشهور اكزافي كبولاني في مدينة تجكجة بولاية تكانت.
وتقول بعض المصادر التاريخية أن البطل محمد ولد الصفرة"الصورة" أحد المشاركين مع الشهيد سيدي ولد مولاي الزين في قتل كبولاني هو الوحيد الذي نجى من المهاجمين في الواقعة البطولية.

والتقطت صورة ولد الصفره هذه سنة 1978 من طرف المؤرخ والوزير السابق محمد سعيد ولد همدي قبل وفاة البطل محمد ولد الصفرة سنة 1981 رحمه الله.
وحسب المصادر التاريخية أن مقتل كبولاني وقع بعد 29 يوما فقط من قتل الفرنسيين للشهيد بكار ولد أسويد أحمد، أحد أبطال المقاومة الموريتانية.
وتقول بعض الروايات الشفوية لبعض من عايشوا تلك الفترة أن البطل سيدي ولد مولاي الزين أعد خطة محكمة تميزت بالسرية والجرأة. فأنطلق سيدي بن ملاي الزين من "الزرقة"في قلب آدرار، بين "شنقيط"و"أوجفت"وتوجه إلي تجكجة بعد أن جند مجموعة من رفاقه، أستطاع تعبئتهم بمهارة، فرافقه عشرون رجلا مسلحا ،وكانت أسلحتهم من نوع قديم ورديئ (أكشام)، أما هو فكان لديه سيف أعطاه له أحد مشاييخ الصوفية في البلاد،. وتتكون الجماعة بالإضافة إلي قائدها سيدي من: إبنه عبد الرحمن الملقب اللل والعربي بن زيدان،محمد السالك بن السالك الملقب الجاش،والسالك بن الدده وول يما وسيد أحمد واحمد إبني عميره،وأسويدات بن أبياه ومحمد المختار بن سيدي بن ببيط الملقب أندمان وسيد احمد بن بن ويس،والكوري بن الشويخ،أحمود بن أعلي،وأحمد بن هنون،ومحمد بن الصفرة،وأحمد بن لميلح،وأحمد بن ميلود بن لفرك.
وبعد إجتيازهم "الخط" الذي يفصل بين آدرار وتكانت إلتحق بهم كل من:أحمد سالم بن آركان وموسي بن بوأبيط ومحمد بن عميرة وعبد الرحمن بن العبد ومحمد بن بوأبيط وهؤلاء الخمسة كانو مطاردين من قبل كوبولاني.
وفي موضع"كيلمس"قرب لحويطات إلتقو بسيدي بن أحمد بن بوبيط الذي أفرج عنه بعد أن كان سجينا في المعسكر، وطلبوا منه أن يرافقهم فأطلعهم علي أن حالته الصحية لا تسمح له بذالك ،وانه معروف من قبل الفرنسيين وساكني المعسكر. ولكنه وصف لهم الشكل الداخلي للمعسكر والتحركات العادية لأعضاء البعثة حسب أوقات النهار والليل.
بعد هذا اللقاء، توقف سيدي ولد مولاي الزين صحبة رفقته واخبرهم بالخطة التي سيتبعونها في القضاء علي كبولاني،وطلب منهم ان لا يصدر أي تصرف من أحدهم حتي يسمعوا منه التكبير بعد أن يدخل إلي المعسكر وقال لهم إن إجتماعهم هذا في هذا المكان سيجتمعونه أيضا في ظلال الجنة.فعاهدوه علي إتباعه حتي النهاية ولما وصلوا بالقرب من تجكجة إلتقوا بعامل سبق أن خدم في معسكر كوبولاني ،فأخبرهم بحال المعسكر وبموقع الجنود وحالة الحرس وأعطاهم صورة عن الحائط الذي بداخله الثكنة ، وأفادهم بأن الحائط مربع الشكل وله باب شمالي ،وآخر شرقي..
وحسب رواية الفرنسي "أرنو" عن مقتل كوبولاني فقد كانت وقائع المعركة كالتالي:
«قبل الهجوم، كان كوبولاني متمددا على كرسي كبيرا، مستغرقا في تفكير عميق وخاطب النقيب جرار قائلا: "كم هو مزعج عدم استمرارنا في الزحف على آدرار" ، بعدها وقف كوبولاي وقال: يا جرار أنا ذاهب لأنام، ولكن بدلا من أن يدخل إلى خيمته التي ينام فيها ذهب ليستنشق الهواء النقي، واستند إلى الحائط الذي هو إلى اليسار عن باب المعسكر قرب المطبخ.
في هذه اللحظة فوجئ بحركة غير عادية في الخارج وصاح: "دالو مسدسي" انطلقت عدة عيارات نارية: خمسة أو ستة مسلحين من المور ببنادق ذات طلقتين يداهمون الممر المغطى غير المحروس، والذين يعتبر المدخل الرئيسي للمعسكر زهاء خمسة عشر وثبوا من فوق السور الصغير الشمالي الذي على امتداده ينام جنود الملازم "ETIEVANT.
تمت مفاجأة صنبا، طباخ كوبولاني، بتدخل أحد المور وسدد نحوه وصاح الله أكبر ووثب نحوه وانطلقت الرصاصة ولم تصبه، فنزع الطباخ السلاح من يد مهاجمه.
... في تلك اللحظة وجدت صديقي القديم قد أصيب بجرح قاتل على عتبة داره، وجدت كوبولاني مستندا إلى إطار الباب، ونظر إلى لحظة وقال لي بصوت ضعيف ولكنه هادئ: أرنو انا ميت، لقد قتلني البؤساء، لاحظت عندها أن الدماء تسيل بعزارة على ملابسه البيضاء... توجهت للبحث عن طبيب البعثة... رافقته إلى غرفته عند حراسة المدخل القريبة من غرفة "كلبان" حيث تم تضميده ولم نتغلب على الجراح الكثيرة بسبب العديد من الرصاص.. عدنا به إلى غرفة الأكل حيث تم تمديد كوبولاني على الحصير الذي كان يغطي طاولة كبيرة، لم يفقد وعيه، وما زال صابرا وصامتا، نزعنا عنه ملابسه بمقص، وتركناه عاريا و الدم يسيل بغزارة من جرحيه، أحدهما أسفل ثديه الأيسر، والآخر في وسط جوفه، الطعنة اليسرى تم سبرها بمسبر... وقد لاحظنا عندما حاولنا رفعه قليلا بقعة من الدم تحته، فأخبرني الطبيب أن اختراق الرصاص الذي أصابه في الجوف قد مزق ظهره.. إنه قد أطلق عليه الرصاص عن قرب "يقول أرنو: كان أحد المهاجمين يبصر المفوض كوبولاني وأطلق النار عليه عن كثب، ولما أحس كوبولاني أنه أصيب عاد القهقرى في الممر الضيق بين محل الإقامة وخيمة البواب، واستطاع أن يصل إلى غرفة الأكل التي تعرضت لكثير من الرصاص.
أحد المور وقد وخطه الشيب ظهر فجأة أمام الملازم "أتيفاه" ETIEVANT وقد حمل بيديه كلتيهما سيفا يريد ضرب رأس الضابط وبدفعة من الملازم استطاع أن يجندل المهاجم أرضا ونزع السيف منه وغرز السيف في بطنه، وبعد هذا بقليل فر المهاجمون».
ويقول اعل الشيخ ولد الحضرامي ولد أمم، الذي نشر موضوعا مفصلا عن المعركة وروايات متعددة عنها في صفحته علي الفيسبوك:
"..إنقسمت الجماعة إلي فرقتين: فرقة معها الشريف سيدي،دخلت من الباب الشمالي وما إن ولج الشريف باب المعسكر حتي رفع صوته بالتكبير وأنقض علي أحد الضباط بالسيف فشج رأسه، فأطلق الضابط الرصاص من مسدسه على الشريف فسقط شهيدا، فلما رأى أحمد بن هنون ما جرى لسيدي وثب نحوه فأصابته رصاصة سقط جراءها شهيدا، ثم جاء الكوري بن شويخ فأصابته أخرى فاستشهد.
أما كابولاني فقد اقترب منه كل من سيدي أحمد بن عميره، واحمود بن اعلي الذي أطلق الرصاص على كوبولاني عن كثب فأصابه إصابة قاتلة فصعد سيدي أحمد بن عميره على الحائط وصاح بأعلى صوته: كوبلاني مات، عندئذ انسحبت الجماعة في اتجاه النخيل واتبعهم الجنود بوابل من الرصاص فأصابوا أحمد بن لميلح فسقط جريحا ثم لحقوا به فاجهز عليه النقيب فرير جان..."
ويضيف ولد الحضرامي"أسفر هذا الهجوم عن سقوط أربعة شهداء في ساحة المعركة هم: الشريف سيدي بن مولاي الزين، وأحمد بن هنون، والكوري بن شويخ، وأحمد بن لميلح.
وجرح سبعة من بينهم: السالك بن الدد، وأحمود بن أعليه، وأحمد بن عميره بن أباه الذي أمسكه الجنود بعد يومين، ولم يغنم المهاجدون سوى بنقدية واحدة ذات طلقات بعيدة وكانت من نصيب السالك بن الدد.
رفض النقيب "افريرجان " أن يدفن الشهداء، ولم يكتف بهذا فقط بل أقدم على عمل إجرامي وهمجي، يتعارض مع أبسط القيم والأخلاق، ذلك أنه جعل الشهداء جميعا في حفرة وأضرم عليهم النار، الأمر الذي أجج غضب المسلمين، وأثار حفيظة محمد المختار بن الحامد(واحد من كبار أبطال المقاومة كاتب الفرنسيين في البداية ثم أنقلب عليهم أثناء معركة النيملان المشهورة) الذي كان حاضرا تلك الليلة.
تم تشكيل محكمة عسكرية صورية بمبادرة من النقيب فريرجان لمحاكمة أحمد بن أباها الذي عثر عليه جريحا، وتشكلت هيئة المحكمة على النحو التالي: الرئيس النقيب أفرير جان،الأعضاء النقيب "جيرار"،"وأرنو" وهو إداري مساعد، والملازم "ديلافو"، والملازم "شري" مقرر وابن المقداد مترجم. اجتمعت المحمكة على الساعة الرابعة مساء في مقر إقامة كوبولاني، لم تستغرق المحاكمة سوى وقت قصير حكم على أحمد بن أباها بالقتل شنقا، وبعد صدور الحكم عليه، أخبره الترجمان ولد ابن المقداد بأنه سيقتل، فرد علي بكل هدوء: الله أكبر، ولم يزد وكان المتهم قد أصيب بجرح بالغ ومع ذلك لم يكترث وقت المحاكمة بالأسئلة التي كان يوجهها إليه رئيس المحكمة..".